موضوع: اهرامات السودان ....تاريخ منسي السبت فبراير 23, 2013 1:54 pm
في السودان أهرامات أكثر من أي مكان في العالم و لكنها لا تزال بعيدة عن الأنظار وعن فضول السائحين . فقد خلفت الحضارة النوبية 50 هرما في عاصمة مملكة مروي على بعد 200كم شمال الخرطوم و في ممالكها القديمة في نوري و الكرو . و حوت تلك الأهرامات رفات 20 ملكا و 8 ملكات و 3 من الأمراء و 10 من النبلاء حكموا بلاد النوبة .
التي عرفت بالسودان فيما بعد، أكثر من تسع قرون بين أعوام 592 قبل الميلاد و 350 بعد الميلاد . و ربما لأن مواقع تلك الأهرامات لم تهيئ للسياحة يشعر الزائرون برهبة مشهدها و هي شامخة فوق تلال تكسوها رمال الصحراء النوبية .
ليس هناك حافلات لنقل الركاب أو إبل مسرجة يتبارى حواتها في اجتذاب السائحين . لا بد لمن يرغب في الاستمتاع برؤية أكبر مجموعة من الأهرامات و أقربها إلى العاصمة السودانية أن يستأجر سيارة من ذوات الدفع الرباعي لتحمله إليها ذهابا و إيابا .
و غالبا ما سيجد نفسه وحيدا بين أطلال حضارة كانت من أول و أكبر الدول إنتاجا للحديد في إفريقيا و الشرق الأوسط . يقول وكلاء السياحة في الخرطوم أن تطوير السياحة في السودان سيجعل من تلك الأهرامات محطا لأنظار السائحين و سيحرم النفر القليل الذي يغشاها الآن من رهبة الهدوء و السكينة التي تجللها منذ أكثر من ألفي عام . و لكنهم يأملون في استقبال مزيد من السائحين لأن البلاد في حاجة إلى ينفقون للاستمتاع بتلك الآثار .
و الواقع أن بعض منزاروها من قبل لم يتركوا فيها غير أطلالها . و كان من أشهر العابثين بأهرامات مروي إيطالي يدعى فيرليني دخل السودان في ركاب قوات إسماعيل باشا الغازية في عام 1820م فدمر رؤوس 40 هرما و نهب كل ما امتدت إليه يداه من وثائق و تحف و مجوهرات و ذهب في مدافن الملوك . و لكن ما لم يستطع نهبه من الأموات يدل على أنهم كانوا يتحلون بكمية ضخمة من المجوهرات. فقد كان أحد ملوك القرن الأول الميلادي يضع في أصابعه 19 خاتما فضيا و في كل يد سوارا من الذهب .
خلفت ملكة مروي مملكة كوش التي ورد ذكرها في التوراة ، ومملكة نبتة 0 و امتد حكمها إلى مصر لنصف قرن من الزمان 0سقطت المملكة في القرن الرابع الميلادي وورثتها مملكتان مسيحيتان هما علوة, و عاصمتها سوبا على بعد 10 كم جنوب الخرطوم، و المقرة في دنقلا 0 و استمرتا أكثر من ألف عام إلى مطلع القرن لسادس عشر حيث جاء المسلمون إلى الحكم في البلاد . و لا تزال الحضارة المروية النوبية من الطلاسم في علم الآثار رغم ارتباطها الواضح بالحضارة المصرية و الإغريقية و الرومانية و رغم أنها طورت حروفاً لكتابة لغتها و ديانة خاصة بها .
و تميزت الحضارة المروية بتولي عدد من النساء الملك أو الوصاية على العرش عرفن باسم ( الكنداكة) مما يدل على أهمية دور المرأة في الحضارة النوبية .
و كان الملك يتوارث بالنسب إلى الأم، و ليس الأب ، و عادة ما يكون وريث العرش هو ابن أخت الملك المتوفى . و ربما يفسر ذلك أن ملوك نبتة و مروي كانوا يتزوجون شقيقاتهم ليظل الملك من نسلهم . و تحتل أم الملك مركزا مرموقا في السلطة كوصية عليه إذا كان قاصرا و تشارك زوجها في الملك أحيانا أخرى .
كان المرويون يعبدون نفس آلهة جيرانهم في مصر في بادئ الأمر . و لكنهم طوروا فيما بعد آلها خاصا بهم اسموه (ابادماك) لا تزال تماثيله و نقوشه قائمة في المواقع الأثرية في النقعة و مسورات الصفراء على بعد مائة كيلومتر شمال الخرطوم .
و أباداماك له رأس أسد و جسم إنسان و ذيل ثعبان . و أول من أطلع العالم الغربي على أهرامات السودان كان العالمان الفرنسيان فردريك كايليود و لينان دي بيلفوند و تدل رسوماتهما لتلك الأهرامات على ما فعله الزمن و ما ألحقه بها ذلك الإيطالي من تخريب .
وقد ادعى فيرليني أنه وجد ذهبا في قمم الأهرامات مما يدل على مدى كذبه و إصراره على تدمير تلك الآثار الثمينة لأن المجوهرات و الذهب توضع على جثث الموتى فقط . و تختلف الأهرامات السودانية عن نظيرتها المصرية في شكلها و حجمها .
فهي أقل ضخامة0 و في مدخلها محراب يدل على أثر الأسرة البطليموسية في مصر (323 – 30 قبل الميلاد) على الحضارة المروية0 و لا يزال تاريخ الأهرامات السودانية لغز كبير إذ لم يتمكن علماء الآثار حتى الآن من فك طلاسم اللغة المروية